Sipak pre-moderator
Number of posts : 75 Location : Mother Earth Registration date : 2009-01-14
| Subject: العرافة *قصة قصيرة* Sat Jan 17, 2009 12:22 am | |
| ذلك المكتب . . . هو حياتها . . قضت أعوام الدراسة الجامعية لتتخرج وتعمل في ذلك المكتب . . مكتب أبيها . . . أحلامها عادية . . الفارس والحصان الأبيض . . . ولكن العمل قد طغى على ذلك . . . أصبحت يوميا . . تنهض مبكرا . .تأخذ دشا باردا . . . تفطر . . ترتدي ملابس العمل . . و من ثم تنزل للمكتب . . . المسافة إلى المكتب كانت بعيدة لأن تأخذها سيرا على الأقدام . . ولذلك فهي تستقل الحافلة . . تنتظرها دائما عند آخر الشارع التي تقطن به . . تحب القراءة . . . تستغل وقت الذهاب والعودة في قراءة الروايات . . هذه الرواية كانت تهرب بها من الواقع لعالمها الخيالي . . تلك الأعمال المكتبية كالحسابات والأوراق . . أغرقها . . فالعمل أصبح العنصر رقم واحد في حياتها . . . ومن الصعب أن تغيره . . . في نهاية اليوم . . بعد الوصول للمنزل . . . تجهز العشاء . . . وتجلس قبل الطعام محدقة في الصورة المعلقة على الحائط في الصالة . . . صورة أبيها والشريط الأسود فوقها . . . تتأملها . . وتتنفس الصعداء . .. وتبدأ في تناول الطعام . . . أحيانا كانت تزور صديقاتها . . . ولكن في معظم الأحيان كانوا يزوروها . . لعل وحدتها هي السبب . . . الزيارة القصيرة التي تدوم الساعة ولا تتعدى الساعة ونصف الساعة . . . تنسيها الوحدة . . .وبعد رحيلهم . . تعود لصديقتها الأولى . . . الوحدة . . .
*****
مجرد يوم في وسط الاسبوع . . . كباقي الأيام . . . ركب الحافلة كعادتها . . . تجلس في مقعدها المعتاد بجوار النافذة . . وهاهي تخرج الرواية . . . وتتابع القراءة من حيث توقفت بالأمس . . . روايتها تأخذ منعطفا خطير . . . البطل يوشك على الموت . . . الرصاص يتناثر . . . البطل يقفز . . . و . . - أتملكين منديلا أيتها الشابة ؟! تلتفت إلى جوارها . . إنها سيدة عجوز . . . شعرها فضي اللون . . . عيناها غائرتين . . صوتها كالفحيح . . تنظر إليها . . . - منديل ؟ تبحث في حقيبتها وتخرج منديلا ورقيا .. . وتسلمها للعجوز . . . - تفضلي .. . - شكرا يا أيتها الشابة . . تنظر لتلك العجوز وهي تمسح أنفها . . . لابد أنها نزلة برد . . . وتعاود قراءة الرواية . . ولكن العجوز تستوقفها . . . - إلى متى ستظلين تقرأي ؟! - إلى حين أصل للعمل . . - لا أقصد ذلك . . - ماذا تقصدي ؟! - لا أعني اليوم بل عامة . . إن القراءة لن تفيدك كثيرا في حياتك . . - وماأدراك . . ؟ - استمعي لي . . . أحمل لكي نبؤة . . . - نبؤة ؟ أأنت عرافة ؟ - نعم . . . أتريدين معرفتها ؟ عادة . . هي لاتثق بكلام العرافين . . تعتبرهم دجالين . . . محتالين . . كل همهم أن يوقعوا بالانسان الذي يقف أمامهم ويستغلوه . . ولكنها لم تقابل أحدهم . . . تسمع عنهم من أصدقائها . . . والعاملين بالمكتب . . وياللقصص التي يروجوها عنهم . . ذلك الرجل مبروك . . . ويرى المستور . . . تراهات . . . كلها ترهات . . . ولكنها الآن جالسة إلى جوار أحدهم . . . وهاهي العجوز تهم بإخبارها عن مستقبلها أو ماسيحصل لها قريبا . . أستستمع لها . . . وهي لا تقتنع بحقيقتهم . . . أسيضرها إذا استمعت لتلك العجوز . . . تنظر للعجوز و ترى كيف أن الزمن قد ترك علاماته وأوقاته على وجهها . . . ترهبها قليلا . . . ولكن ماذا سيضرها ؟ - أخبريني ماعندك ؟ - اسمعيني جيدا . . . . .انها ليست نبؤة جيدة . .. ارتبكت الفتاة وقالت : - تابعي . . - اليوم . . إلى أن تغرب الشمس . . قومي بإنجاز ما عليكي . . . فستلقين حتفك . . هذا مقدر ومكتوب . . . أعذرني كان علي أن أقول لك الحقيقة . . . ارتعدت الشابة . . .والتزمت الصمت . . . وهرعت لروايتها . . . كيف تستمع لهذه العجوز . . . كم هي حمقاء لتفعل ذلك . . . ولكنها قد وصلت للمكتب . . نزلت عن الحافلة . . . وتركت العجوز . . . تلك العجوز ذات النظرة المخيفة والعيون الغائرة . . .
***** تدخل المكتب . . تتوجه حيث تعمل . . وتجلس . . كلام تلك العرافة قد أثر فعلا فيها . . . القلق يساورها . اليوم ستموت . . اليوم . . .يدخل الساعي وبيده فنجان القهوة اليومي . . - تفضلي يا أستاذة . . . لم ترد . . هذا الموضوع قد احتل ذهنها . . كلمات العرافة تتردد في ذهنها . . هذا الوقت لم تنجز الكثير ممن عملها . . . بل أجلته . . . وكل هذا للتفكير . . كيف هذا يحدث . . ألم كانت لا تؤمن بكلام هؤلاء . . كانت تحتقرهم . . والآن تستمع لهم . . تجادل نفسها ذهابا وإيابا في أركان عقلها . . ما بين أنه كلام قد يحدث و بين أنه كلام كاذب . . ليس له أساس من الصحة . . . لقد تغير يومها . . ***** تركت مكتبها . . . وخرجت . . .إنها تفكر فيما ستفعل . . . إن حياتها على وشك الإنتهاء . .. . تسارع في الرحيل . . تستقل سيارة الأجرة . . وكلمات العرافة تجلجل في أذنيها . . وصلت المنزل . . تدخل . . تسقط على المقعد من شدة التعب . . . شريط من الذكريات والأحلام تمر بمخيلتها . . ماقد حدث . . وما حلمت به . . . . تتذكر كلمات الأمل قد تحدث عنها والدها : - حينما يذهب الأمل . . . فلا حياة ممكنة . . لايمكن أن تعيش بدون الأمل . . لأنه أكسجين الحياة . . اليأس يعني النهاية . . . مثبط الحياة . . تلك الكلمات أوقفنها لوهلة . . - ياللحماقة . . .ماذا أفعل ؟ لقد انصعت لتلك الدجالة . . وكأن كلمات والدها ذات طابع ساحر . . تحركت من مقعدها . . واتجهت للدورة المياه . . وغسلت وجهها . . ونظرت للمرآة . . وقالت لنفسها: - كوني قوية . . . لن تقتلكي بضعة كلمات . . رحلت . . واتجهت للمكتب . . .ولكن هذه المرة . . . كانت في حماس عظيم . . الشوارع شبه فارغة . . منتصف اليوم . . استقلت سيارة الأجرة . . وانطلقت . . . .
***** أنهت أعمالها . . . وياله من يوم . . به شبه تغيرات فكرية محورية . . ولكن اليوم قد انقضى . . ورجعت المنزل . . وهي تضحك . .. الضحكات هيستيرية . . .كيف صدقت تلك العجوز . . . لم يحدث شيء . . قامت كالعادة تحضر عشائها . . . وتناولته . . وحضرت بعض صديقاتها . .. وأخبرتهم بما حدث و تصاعدت ضحكاتهم . . . وانتهى اليوم . . يالها من مفارقة . . حان وقت النوم . . تمتمت في هدوء يحمل الراحة في كفه : - انتهى اليوم . . وغطت في نوم عميق . . .تستيقظ في الصباح . . . اليوم عادي كأي يوم آخر . . . ترتدي ملابس العمل . . وتفطر . . . وتهم بالنزول . . تتذكر ماحدث بالأمس . . . وتندم لأنها تركت العرافة تحدثها . . . وهي تفكر . . . تلتفت ليمينها . . . فإذا بسيارة مسرعة . . تنتشلها من على الأرض وتلقيها في الجانب الآخر من الطريق . . . كل ماتفكر فيه هو النهاية . . إلى أن ارتطمت بالأرض الصلبة . . شهقة عالية . . . الظلام هو مايحيطها . . . انها مازالت تتنفس . . . انها مازالت في سريرها . . . مجرد كابوس . . . أطغاث احلام . . . صراعات نفسية . . . خطؤها الوحيد بأنها أمنت قليلا بالعرافة . . . ولكن أيامها عادية وظلت عادية . . .
*سباق [/color][/color][/color][/size] | |
|
THE_GOD_FATHER المشرف العام
Number of posts : 110 Age : 36 Job/hobbies : المشرف العام Registration date : 2009-01-10
| Subject: Re: العرافة *قصة قصيرة* Sun Jan 18, 2009 12:16 am | |
| عزيزي سباق قرات كلماتك المتواضعه التي رصصتها بجانب بعضها بعننايه كبيره واتقان متفان لتنتج من ثماني وعشرون حرفا قصه تميل الي وصف الحال نسج رائع وعمل متفان *******************
| |
|